لا ثورة سلمية ولا مسلحة.. إلى أين يقود السبيل؟
أولًا البوست ده ما هو إلا شوية رانت في دماغي بتفكر فيه في اللي بيحصل دلوقتي، اللي فات واللي جاي، مش مطلوب منه يقدم حلو أو يقود لشيء. الموضوع بدأ وأنا بقرأ التعليقات والبوستات على دعوات أحمد منصور المصري في جيش الإدارة السورية الجديدة، ودعواته للثورة المسلحة في مصر، وكانت غالبية التعليقات رتمها واحد من نوعية إن ده غباء وهدم للبلد وإرهاب وحجة للسيسي يزود شرعيته، وإن كنت بتفق مع الأخيرة بصراحة بس بحس بمزيج ما بين الضيق والاستغراب وأنا بقرأ التعليقات دي. وده لأني بحس إن اللي بيكتب الكلام ده قاصد يعرفنا إنه مفيش أمل، زي ما تكون لسه عاوز تصلح حاجة في اللاب بتاعك وحد جنبك كل ما تمسك جزء تصلحه يقولك متحاولش مستحيل تكون دي، مش هتنجح من دي. طب المفروض إيه؟ كله عارف إن الثورة المسلحة شبه مستحيلة من داخل مصر، والثورة السلمية كذلك. لأن ناهيك عن إنه مفيش ثورة بتنجح في أي دولة من غير موافقة الجيش "أو حياده على الأقل"، بس أصلًا العولمة اللي مصر دخلتها متأخر بعد ٢٠١١ دي خلت اللجان والمخبرين في كل زخنوق إلكتروني، حتى ريديت وحتى المنصات اللي ممكن تتعمل بالبلوكتشاين مثلًا، وسبيل الانقلاب العسكري بعيدًا عن إنه مش بيحل القصة غير ظاهريًا، بس ملوش أفق واضح في ظل إن جنرالات الجيش الكبار مستفادين، ومن تحتهم بيدعم قادة الأمن الجدد "العرجاني ونخنوخ".
فاللي عاوز أقوله إن بجد ليه بنحكم على حد حاول يفتح سبيل جديد للتغيير؟ حتى لو إحنا عارفين إن الطريقة دي فيها دم وخراب، ما هو إمتى هندرك إننا وصلنا لمرحلة ما بعد النهايات السعيدة والخروج الآمن؟ وامتى هندرك أن أي طريق ليه تمن غالي؟ الكلام فكرني بموضوع جانبي بس بيصب في نفس الكونسبت التنظيري، وهو بعد الهدنة الأخيرة بين حماس وإسرائيل، وكم بوستات تهكمية عن "مبروك حماس الانتصار بمسح غزة وموت ٥٠ ألف فلسطيني". بالمناسبة أنا شخص عمره ما يحب إن اللي يحكمه ناس بتوجه إسلامي سياسي، لأني مش مؤمن ودي حاجة شخصية يعني بس حبيت أذكرها للسياق. بس فعلًا بحب مقولة "لا يفتي قاعد لمجاهد". لأن اتفقت أو اختلفت مع سياسات حماس، من غيرها كانت القضية انتهت من ٥٠ سنة مثلًا أو من غير مبالغة من وقت اتفاقية أوسلو، ولو هنرجع للحاضر فلما كبرى الوكالات العالمية زي رويترز وAP يقولوا بالحرف إن كان في مخطط لهجوم استباقي وحشي على قطاع غزة قبل ٧ أكتوبر، يبقى فين الخيارات المتاحة؟ الخيارات الكتير اللي تخليك تلوم على حد إنه اختار يقاوم وتحمله مسؤولية بربرية الصهاينة؟ هل هو حتى معندوش عقل كان نفسه يخرب غزة من الأول وأهله كلهم يتبادوا؟ (أحيانًا بميل إني أقنع نفسي إن اللي بقرالهم البوستات دول صهاينة مأجورين، صرف على أني أقتنع إنها آراء حقيقية).
نرجع لموضوع أحمد المنصور يعني، وإن كان شتان الفارق ولكن المبدأ واحد، إنك بتلوم على حد بيقترح مبدأ الثورة المسلحة لأنك متأكد إن الناحية التانية فيه طرف رغم مصانع مكرونته النص مسلوقة، فهو الأقوى تسليحًا والأكثر تنظيمًا وقادر يحول القاهرة لشوارع دم لو شم حاجة زي كدة. وساعتها فعلًا جايز لو فرضنا ده حصل، هتنزل بوستات فجأة تلوم فيها على اللي قاموا بالكفاح المسلح ده إنهم وصلونا للخراب، على أساس إن قبلها كنا في وئام مع القاتل بتاعنا ومكنش الحمل في فك الديب أولريدي.
تاني، أنا هنا مش بقترح حلول بجد، ويمكن وأنا بكتب من غير ما أقصد أكون انجرفت لنفس النقطة إني بقفلها في وش اللي قدامي من غير ما أحاول أحلل بمنطقية، بس فعلًا نفسي نرتبط أكتر مع الواقع ونفهمه. ونفهم إن الأحداث الأخيرة في المنطقة العربية خلقت جيلًا راديكاليًا مختلفًا عن اللي إحنا عارفينه عن الناس اللي تحب تغير. بحور الدم أكيد مش هتخلف ناس مستعدة تنزل تهتف عيش حرية وتروح، وفيه جيل مرعب بيتخلق في الخفا. محدش سعيد بوجوده، لكن لازم يفهم ليه بيتخلق. ويمكن في رأيي الراديكاليزيشن ده بدأ في منطقتنا من ٢٠٠٣، ولكن دي قصة تانية.
فالشاهد يعني إن ياريت ننزل أرض الواقع ونحكم براحتنا عادي، الباقة غالية ومش هصادر على حد رأيه. بس في نفس الوقت نفهم إيه اللي وصل الناس لكدة، ونفهم إن دايمًا كنا وهنكون ركش بيتحرك مع الفوضى اللي بتظهر فجأة وبنبدأ نتصرف على أساسها. الموضوع كله عشوائي، الحياة كلها عشوائية. بس في وأنت قاعد دلوقتي، حد ما في مكان ما قرر إنه هو يكون الفوضى الجاية اللي هيحركنا. بس كدة. التغيير حتمًا هيتم، في رأيي بينا أو من غيرنا، بس محتاجين نوعى أكتر على الأثمان وقلة الخيارات، والراديكالية.. تاني.